اختزال النقد الأدبي للشعر والشعراء عبر الصورة البيانية مفردات وجمل
اختزال النقد الأدبي للشعر والشعراء عبر الصورة البيانية مفردات وجمل
No Thumbnail Available
Date
2020-02-01
Authors
الكعبي ، موزة
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Abstract
أمضى النقد العربي فترة طويلة من عمره يدور في مجال الانطباعية الخالصة والأحكام الجزئية، التي تعتمد على المفاضلة بين بيت أو أكثر من بيت أو إرسال حكم عام،في الترجيح بين شاعر وشاعر أو عدة شعراء، ومن ضمن تلك الأحكام النقد بالصورة والتخيِّل.
و تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن جانب من جوانب الخطاب النقدي في مرحلة من مراحل بدايات النقد العربي القديم، فالنقد بالصورة الفنية شارة على ذكاء ذلك الرعيل؛فهو اختصار واختزال للنقد في صورة مُتخيلة لمتلقٍنخبوي، وكأن الناقد هو القارئ الأعلى وهو من يحسن قراءة النص فهو مصطلح جمعي لقراء متباينين لهم كفاءات مختلفة، فهم كمُخبِر للنص من خلال ردود أفعال مختلفة حول النص(إيزر، صفحة 24)، وبذلك يشكل رسالة فنية ونقدية من قارئ مثالي إلى متلقٍ مثالي أيضاً، لاعتمادها على أساليب بلاغية راقيه، تتيح للمتلقي إطلاق خياله وتأمله في البحث عن المعيار النقدي،الذي حملته تلك العبارة المُولدة من تأمل للقارئ ليعيد رسمها في صورة فنية متناسقة.
فهذه الدراسة استقصت ما استطاعت من المقولات النقدية لأعلام وأعيان فصاح انتشرت قبل الإسلام وبعده بقرنين، وانتقت منها ما يمكن طرحه بشكل علمي منظم، وما احتوته تلك المقولات من آفاق بلاغية النسج نقدية المعدن، ذات رسالة تعليمية بشكل فني، وكأنها مضاهاة الفن للفن ومقارعة الجمال بالجمال.
وما ذاك إلاَّ لأهمية الشعر، فهو ديوان العرب وفسطاطه المستقيم، وهوالمتبوء لهرم الفصاحة العربية والمتسيد لبلاغتها، ولما كان الشعر من أحسن الصناعات وأعتقها فقد شُغف الناس به ليصبح له مكانة راقية في نفوسهم، فقد أعلوا شأن الشعر، ورسموا به حياتهم ومآثرهم وتاريخهم، فدارت حول الشعر والشعراءعبارات انتقوها وألبسوها من جميل مقولهم، وانتقوا من التشبيهات أبهاها، فحرصوا على أن تكون عباراتهم واضحة سريعة الحاضرة لدى ذهن متلقي الحكم النقدي.
والصورة الفنية التي نعني بها في هذه الدراسة هي تلك التي ابتنيت على التشبيه فمنها ما كان مفردا بمفرد،كتشبيهه شعر شاعر بالبحر أو شاعر بالفحل، والقسم الآخر قد تركب الصورة فعندما يحكى عن شعر شاعر بأنه كلحمة طبخت و لم تنضح فأحد طرفي التشبيه غير مفردة أو يكون السياق فيه رسم صورة كعروس نثر عليها الدراهم وغيرها مما سيرد في هذه الدراسة، و قد يختزل أحد طرفي التشبيه فيسمى استعارة، و من المعلوم ما للتشبيه و الاستعارة من مزية على الحقيقة في مواطن عدة؛لذلك استعانوا بالاستعارة و بالتشبيه كأدوات في نقد أفضل فنونهم الأدبية، وذلك لأن الصورة الفنية تحمل النفس على تخيُّلها، وتجعل المعنى المراد إيصاله واضحاً محسوساً؛ (فتكسب المعنى نبلاً وشرفاً وتفخِمها في نفوس السامعين وترفع أقدارها، وتنقلها عن العقل إلى الإحساس،وعمَّا يُعلم بالفكر إلى ما يُعلم بالاضطرار والطبع؛ لأن العلم المستفاد من طرق الحواس أو المركوز فيهاأتى إلى النفس أولاً من طريق الحواس والطباع ثم من جهة النظر والروية،فالمعنى إذا أتاك مُمثلا فهو ينجلي لك بعد أن يحوجك إلى طلبه بالفكرة، وتحريك الخاطر له والهمة في طلبه،....،فــا (التشبيه والاستعارة جميعاً يخرجان الأغمض إلى الأوضح، ويقربان البعيد )(عبد القاهر الجرجاني، 1984م، صفحة 121)فالصورة الفنية أبلغ من الحقيقة وأحسن موقعًا في القلوب والأسماع وأقوى تأثيرًا في مواطنعدة،فالتصوير الفني سمة بارزة لإيصال المعنى، متى وضعت في طريقها السليم كان لها الدورالأبرز في جذب المتلقي وإعادة قراءة النسق الشعري وتلقيه بصورة جديدة.
وقد قسمت هذه الدراسة إلى محورين رئيسين،المحور الأول هو: ما كان التصوير بكلمة وأكثر، ليصبحكأيقونة نقدية وراية سيميائية أدبية لمجموعة من المعايير تنطوي تحتها.
وأما المحورالآخر فشارته الصورة المركبة والمنتزعة من أمور عدة، والتي تكون غالبا فيموقف آنٍ ناتجٍ عن حدثٍ أو سؤال.
وتقسيم هذه الدراسة جاء على هذا الشكل اعتمادا على تركيب الكلمة الناقدة من حيث نوع التشبيه، كما أن منهجية عرض الآراء والمواقف حسب موضوع النقد ولفظه لا حسب التراتبية التاريخية، كما أن تناول الموضوع سيكون عبر ذكر المشاهد النقدية لتستظل هذه الدراسة بالمنهج الوصفي والتحليلي آخذه بلمسات آلية وتفكير نظرية التلقي "والتي تصور آلية قراءة المتلقي وفهمه للنص ليستوعبه فيطرحه بفعل قرآئي يترجم تلك العمليات الذهنية التي توصل بها إلى الحكم النقدي، من مخزون الناقد الثقافي